مقال الرأي

جاد الرب العبيد يكتب .. صديق أحمد.. “يديك العافية”

“61” يوماً بالتمام والكمال والفنان الرقم صديق أحمد التاجر طريح فراش المرض اللعين، يتنقل من مشفى إلى آخر، يتوجع تعتصره الآلام صابراً محتسباً لا حول له ولا قوة، نسأل الله أن يتمم شفائه عاجلاً غير أجلاً.

انه صديق أحمد يا سادة، ذلك الفنان الشجي صاحب الحنجرة الذهبية، الذي ابدع واطرب، ولم يستبقي شيئاً في هذا الضرب، صال وجال، شنف أذاننا بجميل الأغنيات، وهي كالذهب لم تصدأ ظلت راسخة حتى يومنا هذا، ما ان يرددها فنان إلا وتجد تفاعلاً كبيراً من الحاضرين .

لم يكن صديق أحمد مبدعاً مؤدياً فحسب، بل فناناً بكل ما تحمله الكلمة من معنى في كل شي، انساناً يحمل هم غيره قبل همه، وظف علاقاته الممتدة في خدمة من يعرفه ومن لا يعرفه، يقف مع الجميع في افراحهم واتراحهم، يشارك بجيبه قبل فنه، ولنا في ذلك شواهد عديدة، رواها لنا من عاصروه.

أقسم أنني لم أرى في حياتي فناناً محبوباً مثل صديق أحمد قط، يحبه الجميع، قلبه كجلبابه ناصع البياض، لا يحمل حقد ولا عداوة له مع أحد، يتعامل مع الناس بوافر الاحترام والتقدير، ويستقبلهم بإبتسامته وقفشاته المعروفة.. كريماً واجواداً ، لا يخلو منزله من الضيوف، ما زاره أحد إلا خرج منه مجبور الخاطر ومندهشاً من كرمه الفياض وحن أسرته الدفاق، كيف لا وزوجته المصون (العنبة) تلك الأم الحنونة، نار صاجها لا ينطفئ، لا تكل ولا تمل من تجهيز الطعام، تعده بإتقان وكل محبة، ما جعله مضرب مثل عند الكثيرون.

تربطني علاقة خاصة مع ابوي صديق وأسرته الكريمة، رافقته في عديد من المناسبات والبرامج التي يلبي دعواتها، حتى ظن البعض أنني ابنه، ففي إحدى البرامج بقاعة الصداقة باغته الفنان الكبير مجذوب أونسة بعد أن سلم علينا بسؤال: ده ولدك يا صديق؟ رد عليه سريعاً : “ما عندو فرق من امجد ولدي”.. كنت احضر إليه في المنزل بإستمرار، وفي كل مرة يستقبلني بعبارة: (آجادو بركة الجيت بركة الجيت) .

الأسبوع الماضي سجلت رابطة طلاب أرقي القدامى والجدد زيارة لصديق في مستشفى الضمان بمروي، تقديراً من الرابطة لما قدمه لها من دعم غير محدود، حيث يولي ود احمد شريحة الطلاب اهتمام كبير، ليس أرقي فقط، بل تشهد له روابط مروي والدبة المتعاقبة منذ الثمانينات بذلك.

أهل مروي وكريمة أجزلوا الوفاء لهذا العطاء، وقفوا إلى جانبه في مرضه منذ أن كان بمستوصف مهيرة بكريمة إلى أن نُقل لمستشفي الضمان، كيف لا ولصديق ذكريات وأيام لا تنسى هناك، حيث عمل وعاش بينهم ردحاً من الزمان، لهم منا آلاف التحايا.

أخيراً.. هذا الجبل المتحرك من الوفاء والعطاء، لابد للدولة ومؤسساتها والجهات الأخرى أن تقف إلى جانبه في وعكته الصحية هذه، صحيح هناك دعم ولكن ليس بحجم ما قدمه وما يمر به هذه الأيام، فالفترة طالت وصرف المستشفيات معروف للعامة، لذلك يجب أن يُنقل للعلاج خارج البلاد شأنه شأن فنانين كثر، تكفلة الدولة من قبل بعلاجهم في الخارج.

وختاماً.. اعذرنا ليس في مقدورنا شي غير كتابة هذه الكلمات المتواضعة والبسيطة في حقك، والقول كما تقول للناس (يديك العافية).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى